أخطاء شائعة عند تناول الدواء: دليلك لتجنب المخاطر الصحية

اسأل أي صيدلي عن أكثر سبب لزيارات الطوارئ في المستشفيات، سيقول لك باختصار: أخطاء تناول الأدوية. ما قد يبدأ بحبة صغيرة ينتهي أحيانًا بمضاعفات خطيرة، إغماء أو حتى فشل كلوي. أحيانًا يكون الخطأ بسيطًا مثل تناول الدواء في الوقت الخطأ، وأحيانًا يكون الأمر أكبر، مثل خلط أدوية لا يجب أن تلتقي في جسد واحد. المشكلة ليست في الدواء نفسه، بل في طريقة استخدامنا له. لذلك، لو انتبهنا للأخطاء الأكثر شيوعًا، ربما ننجو من عشرات الورطات الصحية في المستقبل.

أشهر أخطاء تناول الأدوية

الخطأ الأول ويرتكبه الأغلبية دون وعي: تناول الدواء دون قراءة النشرة الداخلية أو سؤال الطبيب أو الصيدلي عن التفاصيل. علبة الدواء ليست صندوق أسرار، معظم الصناعات الصيدلانية تضيف مكونات إضافية ليست ضرورية لكل شخص. أحيانًا يسبب ذلك تفاعلات تحسسية غير متوقعة. مثلاً، إذا كنت تعاني من حساسية تجاه اللاكتوز أو الغلوتين، من الممكن أن يحتوي الدواء على هذه المواد كمثبتات، وأنت لا تعلم. ومن أشهر الأخطاء أيضًا نسيان موعد الجرعة أو تناول جرعتين لتعويض ما فات. الأمر هذا أحيانًا يسبب جرعة زائدة وربما تسمم. البعض يظن أن «المفعول سيحصل أسرع» لو أخذ ضعف الدواء، وهذا وهم خطير.

خلط الأدوية تناولًا عشوائيًا من دون توجيه طبي مصيبة أخرى. بعض المضادات الحيوية تفقد مفعولها تمامًا أو تسبب تداخلات قاتلة مع مسكنات أو مميعات دم، خصوصًا مع أدوية القلب والضغط. إحصائية نشرتها منظمة الصحة العالمية في 2023 أوضحت أن 25% من كبار السن يتناولون نوعين أو أكثر من الأدوية دون مراجعة التداخلات بينهم، وهذا يضاعف خطر الآثار الجانبية. هناك أمر أقل وضوحًا لكن شائع: تخزين الأدوية في رطوبة أو حرارة مرتفعة. دواءك في حقيبة السيارة أو على رف المطبخ غير مغطى؟ لا تستغرب إذا فشل في علاجك ببساطة لأن المادة الفعالة تلفت!

لماذا تحدث هذه الأخطاء؟

أحيانًا البيئة اليومية مع الضغط والتوتر تجعلنا ننسى أو نهمل التفاصيل. كم مرة شغلت التلفاز أثناء تناولك دواءك ولم تتذكر بعدها هل أخذته أم لا؟ أو خلطت المضاد الحيوي بالمشروبات الغازية أو القهوة. معظم الأدوية تعتمد امتصاصها في الجسم على الحموضة أو القلوية في المعدة، وهنا يكمن الخطر. كوب من عصير الجريب فروت مثلًا مع دواء ضغط دم، كفيل بأن يزيد نسبة الدواء في الدم وتظهر أعراض جانبية شديدة.

في العيادات، الملاحظ أيضاً ضعف تواصل المريض مع الطبيب. قليل من يسأل عن آثار الدواء أو يوضح له تاريخه الطبي الكامل، وهذا يؤدي لوصف أدوية غير مناسبة. الأعراف الاجتماعية تلعب دورا: هناك من يخجل أو يرى أن السؤال للطبيب إهانة وكأنه يشكك في خبرته. معظم الناس يثقون أكثر في وصفات أقاربهم أو أصدقائهم، رغم أن تجاربهم الطبية تختلف تمامًا. كم منا تناول دواء مسكن بناءً على نصيحة من أحد الجيران؟!

طرق فعّالة لتجنب أخطاء الأدوية

طرق فعّالة لتجنب أخطاء الأدوية

أسهل خطوة تبدأ منها: لا تخجل من السؤال. اسأل الصيدلي أو الطبيب عن كل تفصيل. لا تعتمد على غوغل في كل شيء: أغلب المعلومات على الإنترنت عامة، وقد تُخفي تفاصيل حاسمة تهم حالتك أنت شخصيًا. إذا لاحظت أي عرض غريب بعد بدء دواء جديد مثل طفح جلدي، دوار أو حتى صداع مستمر، أخبر الطبيب فورًا. التفاعلات الدوائية ليست نادرة، وتتعلق بتركيبة جسمك والمعلومات التي لم تخبر بها الطبيب.

  • استخدم علبة مُقسّمة لأيام الأسبوع لمساعدتك على تنظيم تناول الأدوية وعدم نسيان أي جرعة.
  • سجّل اسم كل دواء، واكتب معه توقيت الاستخدام والوجبة المناسبة (صباحًا، مساءً، قبل أو بعد الطعام).
  • احتفظ بالقائمة في متناول أفراد عائلتك، خصوصًا في الحالات الطارئة أو إذا احتجت مراجعة طبيب آخر.
  • لا تتوقف عن دواء فجأة من تلقاء نفسك. أدوية الضغط أو السكر مثلاً تحتاج إلى تقليل تدريجي وتحت إشراف الطبيب.
  • تأكد من تاريخ صلاحية الدواء قبل كل مرة تتناوله فيها، لأن معظم العقاقير تفقد فعاليتها مع الوقت والبعض قد يصبح سامًا.
  • دائما استفسر عن طريقة تخزين الدواء، فهناك أدوية يحتاج حفظها في الثلاجة وأخرى في مكان جاف معتم.
  • إذا اضطُررت للسفر، لا تضع الأدوية في شنطة السيارة بشكل دائم، لأنها معرضة لفقدان الفعالية بفعل الحرارة العالية.
  • الأطفال من الفئات الحساسة جداً. احرص على إبقاء الأدوية بعيدًا عن متناولهم، حتى أدوية الفيتامينات قد تكون خطيرة لهم.

الاعتراف بالخطأ لا يقلل من قيمتك، بل يحصنك ضد مخاطر لا تعرف حجمها إلا بعد فوات الأوان. استخدام تقنيات بسيطة للتذكير، مثل منبه الجوال أو تطبيقات خاصة لإدارة الأدوية، يقيك من نسيان وجبتك الدوائية وسط زحمة يومك.

حقائق مذهلة حول الأدوية قد تسمعها لأول مرة

لأدوية ليست حجرًا جامدًا. بعضها يستجيب بقوة للضوء أو الرطوبة أكثر من غيره. دواء الأسبرين مثلاً، إذا وُضع في مكان رطب قد يبدأ في التحلل وتتصاعد رائحة قوية تشبه الخل، وهي إشارة واضحة لأنه تلف. بعض الأقراص الفوارة يجب إذابتها في الماء بدرجة حرارة معينة لتحقق الفائدة الكاملة، وأي تغيير بسيط يقلل المفعول.

قد تستغرب إذا علمت أن بعض مراهم الجلد، عند وضعها في طبقات سميكة، لا تزيد فائدتها بل ربما تسد المسام وتسبب التهابات جلدية. هناك أنواع أدوية تعطي نتائج معاكسة لو تم تناولها مع أطعمة معينة. المضاد الحيوي نوع "دوكسي سايكلين" مثلاً، لو تناولته مع الحليب، يمنع امتصاصه تقريبًا لأن الكالسيوم يعطل معدته عن العمل. أما أدوية الغدة الدرقية، مثل "ليفوثيروكسين"، يجب أخذها بزمن مناسب بعيد عن الكافيين والقهوة لتحقيق أقوى فاعلية.

هناك حقيقة غير معروفة لكثير من الأهالي: بعض الشراب الموصوف للأطفال يحضر ليكون مقبول الطعم بشكل أفضل، لكنه يحتوي في أحيان كثيرة مواد حافظة أو ألوان غذائية مخفية تسبب حساسية في بعض الحالات. لا تعتمد على مجرد قبول الطفل لدوائه، راجع المكونات كل مرة.

في دراسات منشورة عام 2024، وجد الباحثون أن أخطاء تناول الدواء مسؤولة عن أكثر من 10% من حالات الدخول إلى أقسام الطوارئ في العالم العربي، والنسبة أعلى عند كبار السن وتزداد مع أمراض القلب والسكر والكلى. الدراسات أكدت أيضًا أن وجود تواصل مستمر مع الصيدلي يقلل الأخطاء بأكثر من النصف.

احذر من الدمج بين الأعشاب الطبية والأدوية إلا بعد استشارة اختصاصي. عشبة "العرقسوس" على سبيل المثال، تتعارض مع أدوية ضغط الدم، وتسبب احتباس سوائل وارتفاع ضغط بشكل صامت. أيضًا، منتج زيت السمك الذي يتناوله كثيرون كمكمل غذائي يشكل خطورة إذا استخدم مع أدوية مميعة للدم مثل "الوارفارين"، لأنه يزيد خطر النزيف دون أن يشعر المريض.

وتذكر دايمًا، الدواء نعمة إذا تعاملنا معه بوعي، ويمكن أن يكون بداية لمشكلة لو تركناه بلا تدبير أو معرفة. صحتك لا تتحمل خطأ عابر ولا لحظة إهمال!

التعليقات

  1. خميس ابراهيم

    خميس ابراهيم يوليو 18, 2025 AT 01:27

    الموضوع مهم جدًا ولازم الناس تأخد بالها من الأخطاء اللي ممكن تقع فيها وإنت بتاخد الدواء.

    واحدة من أكبر المشاكل هو عدم الالتزام بالجرعة اللي الدوا بيطلبها، يمكن حد يحس إنه أحسن أو أسوأ ويزود الجرعة أو يقللها من نفسه وهذا خطر كبير. لازم نفهم إن الأدوية ليها تأثير كبير وأي تعديل فيها لازم يكون بإذن الطبيب.

    لكن في بعض الأحيان الناس بينسوا تناول الدواء في الوقت المظبوط وهذا يقلل فعالية العلاج، وده لازم يتغير. هل حد عنده نصائح عملية علشان ماينساش الدواء؟

  2. esraa mahmoude

    esraa mahmoude يوليو 18, 2025 AT 02:27

    المعلومات اللي جات في الموضوع جيدة بس الحقيقة ناس كثير مش بيهتموا للأمور دي وبياخدوا الدواء بناءً على نصايح جهلية أو تجارب ناس تانية.

    كل واحد لازم يعرف دواه كويس، وما يخليش حد يوصيه بدوا غريب. وفي كتير من الأحيان حتى المضادات الحيوية بتتاخد غلط وده بيأدي لطريقة مقاومة شديدة.

    هل فعلاً فيه حلول بسيطة تخلي الواحد يلتزم ويتجنب الأخطاء دي؟ لأني شايفة الموضوع متكرر جدا.

تعليقات